لقد داهم العالم على مر العصور الكثير من النكبات والأزمات التي كان لها الأثر على البشرية جمعاء، تركت جروحًا وآلامًا في النفس البشرية وما أن تغفو هذه النفوس إلا و يباغتها الأشرار بطعنات وجراحات وكوارث في حق الإنسانيه دون إدراك بأن لكل بدايه نهاية، وتتسابق الحروب لتدمير البشرية باسلحة فتاكة لكنها في الآونه الأخيرة أخذت منحى آخر هو التدمير البيولوجي الذي تصعب مواجهته بتلك الاسلحة، ويستمر الدمار بشتى صوره وأشكاله ليصل إلى منعطف خطير يؤدي إلى إنهيار منظومة الصحه العالمية و يجعل أكبر الدول واكثرها عتوا في الأرض عاحزة أمام هذا التيار تتلفت يمنة ويسرة علها تجد المنجى من أحد الجيران؛ فبعد أن تعالت بغطرستها عموم الأرض بدأت بالتلاشي شيئًا فشيئًا ولابد أنها ستعاود الكرة و بقوه أكبر المرة القادمة محاولةً منها لإعاده السيطرة على العالم .
وفي خضم هذه الأحداث نتعلم من المعلم كورونا الكثير فلابد لكل مسلم من وقفه يتعلم دروسًا وعبراً من تلك الأحداث متفكراً فيما آلت إليه الأمة المحمدية في بدء البعثه النبويه من كارثة مماثلة بل وأشد فتكًا هي حادثة الحصار الذي وقعه جبابرة الأرض حينها على محمد و صحبه ليردوهم عن الإسلام لكن ذلك لم يزدهم إلا قوة في الايمان وثباتًا وإصرارًا على حماية الدين حتى جاءت النجدة الإلهية بعد مرور سنوات اضطروا فيها لأكل ورق الشجر والجلود .
علمونا من خلاله قيمة الصبر على البلاء في أصدق صورها، ونحن ولله الحمد لم تألو قيادتنا الرشيدة جهدًا في توفير كل مستلزماتنا المعيشية بل ومؤازرتنا بعدم حمل الهم وخففوا عنا مشاعر القهر والخوف لما ستؤول إليه حالنا ولكن بقليل من الصبر.
ثم تأتي المعونة الإلهية لمحمد وصحبه ومن معهم من بنو هاشم وبنو طالب ..ولكن ممن؟!! إنها من الحزب المضاد حزب الكفر؛ حزب كفار قريش ظهرت فيه الرجولة والانتماء وغلبت عقيده الكفر، فلا مجال للمقارنة بين الأديان ، بين مسلم وكافر في مثل هذه المآسي والموارث فكلهم سواء في الإنسانية التي ظهرت في أجمل صورها وأبهى حللها عندما قام( هشام بن عمرو) و كان مشركًا حينها يجمع القبائل لفك الحصار عن إخوانهم بني جلدتهم في الإنسانية..هي نخوة العرب وكرامة الرجال وبعد جهد تحقق له ما أراد وماكتبه الله تعالى من هدايا وعطايا بعد الصبر والمشقه حتى اكلت الأرضة صحيفة المقاطعة وانتهى الحصار بأمر الله .
يعلمنا المعلم كورونا في حصاره لنا أن الإنسان لابد أن يطهر بنار الابتلاء ليظهر منها نقيًا صافيًا من الذنوب والآثام مقبلاً على الله تعالى بتوبة نصوح .وما جائحة معلمنا كورونا التي نمر بها إلا مقدار أنملة من معاناة أوائل المسلمين وغيرهم.
والأمل يلوح في السماء فيعلمنا كورونا أن بعد العسر يسراً وبعد البلاء ستأتي طيور الفرج محملة بأغصان الأمل والسعادة لتجمع الأحباب بعد تباعد الأجساد .
الكاتبه :
الدكتوره فاطمه عيسى عبد الكريم.
عضو مجلس إدارة
جمعية الإمارات للتطوع